قاعدة بيانات القدّيسين الشرقيّين

السنكسار (أو كتاب الشهداء في أوروبّا)، هو كتاب يضمّ لائحة القدّيسين الذين تحتفل بهم الكنيسة، مع ملخّص عن حياتهم. وترد الأسماء بحسب تسلسل السنة الطقسيّة. تقرأ سيرة كلّ قدّيس خلال الخدمة المخصّصة لعيده. إذًا استخدام السنكسار أساس في العبادة المسيحيّة. في العالم البيزنطيّ، لم يكن يوجد إلاّ سنكسار رسميّ واحد، هو سنكسار القسطنطينيّة، الذي انتشر ابتداء من أواسط القرن العاشر. وبسرعة فائقة، تلقّفت الكنائس هذا السنكسار وعملت على تطويره. والمخطوطات الكثيرة التي تناقلته، بلغات مختلفة، تصعب الإحاطة بها. تكمن مهمّة سيناكسور في إحصاء هذه السنكسارات وتسجيلها، والربط بين الأولى منها التي ظهرت في كنائس الشرق. تسمح هذه المخطوطات بالإجابة عن الأسئلة التي تهمّ بشكل خاصّ مؤرّخي المسيحيّة المشرقيّة. إذا شكّلت سير هذه السنكسارات الأولى نقطة انطلاق تفضي إلى إنشاء ملفّ خاصّ بكلّ قدّيس، فهي تسمح أيضًا بدراسات مقارنة، وتسهم في فهم هويّات المسيحيّين المشرقيّين المتعدّدة.

الإشكاليّة
اليوم، سنكسار القسطنطينيّة في متناول الجميع، بفضل الطبعة التي أصدرها في بروكسل العام 1902 الأب البولنديّ المتخصّص بسير القدّيسين البيزنطيّين هـ. دولوهاي. استندت هذه الطبعة إلى مخطوط محدّد، ولكنّها أفردت مكانًا لسير مأخوذة من مخطوطات أخرى استطاع دولوهاي تمييزها. ولكن رغم غنى هذه الطبعة إلاّ أنّها محدودة وليس شاملة وكاملة. كما أنّ المخطوطات الأخرى صعبة التمييز، وبخاصّة أنّ اللغات الأخرى غير اليونانيّة لم تؤخذ في الحسبان.
بعد دولوهاي تحقّق تقدّم ملموس. ويمكننا أن نشير إلى طبعة السنكسار الأرمنيّ أو الأثيوبيّ في القرن العشرين. في العام 1969 عمل  J.M Sauget على السنكسار العربيّ المسيحيّ، وفي النصف الثاني من القرن العشرينهناك دراسات E. Follieri وتلاميذه، وبخاصّة  A. Luzzi
وبفضل هذه الأعمال المختلفة اكتملت الصورة التي كوّناها عن السنكسار، وتحدّدت مراحل انتشاره وتطوّره، حتّى لو بقي أمامنا الكثير من العمل للوصول إلى صورة شاملة عن هذا الكتاب، ولفهم آليّة نشأته وانتشاره وانطلاقته.

١- السنكسارات الأقدم:
يقترح المشروع دراسة ثلاثة أقدم سنكسارات. أصل سنكسار القسطنطينيّة معروف. بشكله الأوّل، ألّف هذا المجموع الشمّاس إيفاريست بطلب من الأمبراطور قسطنطين لسابع ... (944-959). هذا الشكل الأوّل، الذي لم يطهر جيّدًا في طبعة دولوهاي، معروف عبر مخطوطين يونانيّين. ويمكن أن نعتمده كقاعدة، وأن نقتصر في الأشهر الثمانية عشر على النصف الأوّل من السنة الليتورجيّة. وبموازاة هذه الدراسة حول السنكسار اليونانيّ، سنعمل على دراسة السنكسار الأرمنيّ الأقدم، ليس الذي نشر حاليًّا إنّما سنعتمد مخوطًا آخر غير معروف، يرقى إلى نهاية القرن العاشر. من جهة ثانية سندرس السنكسار العربيّ، الوحيد الذي حافظ على مقدّمة إيفاريست، الذي هو موضوع بحث في جامعة البلمند.
synaxaire1.jpg

٢- هندسة قاعدة ​البيانات:
تضم قاعدة البيانات المعلومات التالية: القدّيس المحتفى به،  نبذة أو أكثر مع التعديلات في المخطوط عينه أو في نسخ مختلفة من السنكسار اليونانيّ،  سير موجودة بلغات مختلفة،  ذكر القدّيس في الروزنامات أو الكتب،  نصوص ساتخدمت كقاعدة لنشر السيرة.  لائحة بالمخطوطات المساعدة.
سيتمّ هذا العمل مع فريق عمل مع الدكتور إيلي الضنّاويّ، مدير قسم الإنسانيّات الرقميّة في جامعة البلمند (لبنان)، ولكن سيتم الاعتماد أيضًا على قواعد البيانات الجاهزة، أو التي هي قيد الإنجاز، في مضمار سير القدّيسين، بخاصّة تلك التي تعمل عليها جماعة البولنديست في بروكسل (بلجيكا) ومعهد الدراسات وتاريخ النصوص (CNRS, France).
  1.  
٣- توظيف فريق باحث متخصّص وتطوير شبكة تنشئة أوروبّيّة.
انطلاقًا من المشاركين المجتمعين حول السنكسارات الثلاثة الأولى المذكوريت آنفًا، نصل إلى النتائج الأوّليّة الضروريّة لكلّ دراسة لاحقة، بخاصّة إجراء التجارب على تدوين البيانات واستثمارها. وفي نهاية الأشهر الثمانية عشر، سيكون من الممكن تعزيز فرق العمل والقيام بدراسة أشمل تطال كل سنكسارات كنائس الشرق، ونذكر منها الكنائس السلافيّة، الجيورجيّة، المصريّة أو الأثيوبيّة، وهذه كلّها سيتمّ التطرّق إليها بالطريقة ذاتها.
وأخيرًا، سيسهّ المشروع تأسيس شبكة تنشئة أوروبّيّة متاحة أوّلاً لطلاّب الدكتوراه أو الدكاترة في المعاهد المشاركة في فرنسا واليونان وإيطاليا. وسنرتكز على ماستر "العالم المتوسّطي في القرون الوسطى" الذي تمنحه جامعة باريس- سوربون.